تعتبر السفارة من أهم أدوات التعامل الدولي ، وهي من أقدم وسائل الاتصال بين الأمم والشعوب ، سواء في حال السلم أو الحرب. وقد أولى علماء المسلمين هذا الجانب اهتماماً يتناسب ودوره في توطيد العلاقات الدولية وتنميتها وتحقيق المصالح العامة في إطار من العدالة والوفاء والأمن. وكان المبعوثون يتمتعون بحصانات وامتيازات خاصة تضمن لهم القيام بالمهام التي أوفدوا من أجلها ، وهذه الامتيازات كانت من التقاليد المعمول بها منذ القديم في علاقات الأمم والشعوب ببعضها ، ثم أصبحت جزءاً من القانون الدولي الوضعي المعترف به عالمياً ، بيد أن التيارات السياسية المعاصرة تلعب دوراً بارزاً في رسم الإطار القانوني للحصانات والامتيازات. وهذا كله يجعل للبحث أهمية خاصة تستوجب أن ننفق جهداً علمياً يضعنا أمام النظام القانوني لهذه الامتيازات والحصانات ، فيعطي نبذة عن السفارات وتطورها التاريخي ، ويحدد – بإيجاز – وظائف السفراء ، ويعنى ببيان الأساس الفلسفي لهذه الامتيازات ، وما يترتب على مخالفتها ، ثم يضع القيود الأمنية عليها ويبرز مقتضيات تقييدها أو القيود الواردة عليها. ولقد انتهت الدراسة إلى صلاحية نظام السفارة في الإسلام للأخذ بالقواعد التي نادى بها لتكون قواعداً تحكم العلاقات الدبلوماسية.