تبرز عوامل تنافسية الاقتصاد المعاصر محتوى ضمنيا متعدد الاتجاهات- بأبعاد المعرفة والإبداع والابتكار التكنولوجي -وهذا ما يعني أن الديمقراطية الالكترونية la democratie electronique تتطلب كثيرا من الخصائص الموضوعية المرتكزة أساسا وبالدرجة الأولى على ضرورة الابتعاد عن الرداءة في التعليم*والتكوين والتاطير؛ لان ذلك سيفضي إلى اللاتماثل على المستوى السفلي وتغييب قسري للكفاءات والنخبة على المستوى العلوي. من الصعوبة بمكان غض الطرف في الوقت الراهن، عن إدراج مفاهيم جديدة حول أسس ومبادئ: التفكير والتحليل للمسائل المتعلقة بالشؤون العامة، والتي أفرزتها التغيرات العالمية في مجالات عديدة ومتنوعة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية، وأملتها كذلك الصعوبات الوطنية في خلق الثروة وتوزيعها توزيعا عادلا لتحقيق الرفاهية الاجتماعية.لم تظهر الحكومة الالكترونية e-gouvernement مطلقا من باب الترف المعلوماتي، وإنما جاءت كأحد الردود من قبل الحكومة التقليدية للدفاع عن وجودها في ضوء ما يحدث وسيحدث في محيط الحكومة من تغيرات هيكلية وإستراتيجية. تعمل الحكومات الحديثة على تجسيد إدراك مواكبة التطورات السريعة والمتلاحقة، من خلال إدارة الأداء الحكومي بأساليب وطرق جديدة وفرتها التكنولوجيا الحديثة؛ سعيا منها لتحقيق : التطوير، وتقديم خدمات على أفضل صورة ممكنة، وذلك لمواجهة الكثير من التحديات. وكما يرى بعض الباحثين الأكاديميين*، فان الحكومة تنتقل بالتدرج إلى الفضاء الالكتروني، حيث قواعد اللعبة les règles de jeux مختلفة ووسائل العوائد من ربح وخسارة تبدو اشد اختلافا فاسحة المجال أمام أصحاب القرار الاستراتيجي في الدولة لتبني النماذج الجديدة. ويحدث خلال ذلك إعادة النظر العميقة في بنيات أساليب وطرائق تسييرهم وحكمهم؛ لتحقيق رفاهية المواطن والمجتمع، وبالتالي ضمان الولاء الحقيقي القائم على: تجسيد حب المواطن للدولة والحكومة، وليس التبني المؤقت القائم على الحلول قصيرة المدى التي غالبا ما تفضي إلى خلق اختلالات- بمثابة فقاعات غير صامدة- أثرت على تبني تموقع واضح المعالم، لذا تبدو الحاجة ملحة للتعمق في فهم أساسيات منهجية مترابطة من نمط: الحكومة الإلكترونية e-gouvernement والحكم الرشيد la bonne gouvernance والتنمية المستدامة .le développement durable،تجدر الإشارة إلى انه يتفرع عن الإدارة الالكترونية عنصران حيويان، يتمثلان في: الحكومة الالكترونية والأعمال الالكترونية والتي يتفرع عنها: الأعمال غير التجارية والتجارة الالكترونية. كنقطة بدء،تمثل الحكومة الالكترونية أسلوبا جديدا ومبتكرا لأداء الأعمال الحكومية باستخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتT.I.C ،حيث تعتبر أداة هامة لتحقيق الهدف الأساسي المتمثل في تغيير وتحسين الأداء الحكومي -على نحو يجعله أكثر شفافية وأكثر كفاءة- مما يؤدي إلى بلوغ الوفاء بمقومات الحكم الرشيد*المتمثلة في: الشفافية، المساءلة ومحاربة الفساد، ويضمن عملية مشاركة المجتمع المدني la société civile. بناء على ما ذكر، سنعمل من خلال مقاربة مسحية على محاولة دراسة وتحليل مفهومي: الحكومة الالكترونية والحكم الرشيد، وإظهار أهمية العلاقة الترابطية بينهما اعتبارا لكون الأولى أداة لتنفيذ برامج التنمية والثانية بمثابة هدف لتحقيق هذه التنمية.كما أن الحالة الجزائرية غنية بالدروس والنتائج، لكون البلد يقع ضمن دائرة البلدان الصاعدة les pays émergents وما ارتبط بذلك من إنفاق عمومي حول تجسيد الحكومة الالكترونية والحوكمة في مجالات حيوية متعددة.