تشهد العلاقات الاقتصادية والسياسية مابين سوريا وتركيا تطورات نوعية ملحوظة بدأت مقدماتها منذ سنوات، وقد توجت العلاقات مابين البلدين المذكورين بجملة من الزيارات للرؤساء والوفود الفنية والتقنية الرسمية والحكومية وغير الرسمية من أكاديميين ورجال أعمال وغير ذلك. وقد انتهت تلك الزيارات بجملة من الاتفاقات والعقود واللجان المشتركة والتي يندرج في مقدمها لجنة متابعة دائمة. ولما كانت العلاقات السورية - التركية قد تأثرت بصورة مباشرة وغير مباشرة بتطورات الوضع الجيوبوليتيكي الذي فرض نفسه على المنطقة بعد غزو العراق وتزايد الضغوط على كل من سوريا وإيران من بوابة الساحة اللبنانية والفلسطينية والعربية عموماً، فقد تصدت تركيا لدور سياسي مميز ورائد حيال هذه التطورات خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان ومن ثم العدوان الأخير على قطاع غزة، وهذا ما أعطى تركيا ودورها الإقليمي مزيداً من الشرعية والقبول على المستوى الرسمي والشعبي، ولما كان الاقتصاد يشكل القاطرة الحقيقية للسياسة التي لا يمكن أن تتجاوز حدود المصالح وأبعادها، لذا فقد اتجهت دول الإقليم (تركيا وسوريا والعراق وإيران) باتجاه المزيد من إرساء أسس التعاون وقواعد العمل الاقتصادي المشترك بما يؤسس لمزيد من الاعتماد المتبادل في إطار التبادل التجاري وتعاظم دور الاستثمارات المشتركة، بالإضافة إلى مايتعلق بالسياحة والنقل والتعليم...الخ. وفي هذا الإطار يشكل مقترح إقامة منطقة تجارة حرة مابين سوريا والعراق وتركيا (ويمكن أن تضاف إيران)، خطوة عملية باتجاه المزيد من التعامل الإقليمي في إطار الاقتصاد الذي سيؤسس حكماً وبحكم العلاقة الجدلية مابين الاقتصاد والسياسة لدور فاعل لدول الإقليم في إطار السياسة والاقتصاد والاستراتيجيا.