دأبتُ في هذا المجموع الشعري المحقّق إلى لمّ شتات حبّات عقد ابن المقفع الشعرية التي تناثرت بين طيّات الكتب وأمّاتها وإن بدت نزرة قليلة إلاّ أنها قد أضفت نتاجاً للمدونة العربية الشعرية، وأعادت الحياة في أثرٍ كان محطّ نظرة شزرة تتصف بالدونية حينما تقف أقلام النقاد عند شعر ابن المقفع متحيرةً في عدم وصوله إلى مصاف شهرة نثره؛ وعلّة الأمر قلّة ما بين أيديهم من ذلك الشعر؛ ولأجل ذلك فقد تحامى المحقق تلك الأقلام الحائرة وشمّر عن ساعديه في اعتماد منشوره هذا على جمع النصوص الشعرية من المصادر والمظان بعد أن تمخضت عملية التنقيب الأولى بالبحث في نتاج ابن المقفع نفسه عساه أن يقف على شيءٍ اسمه مجموع شعري أو ديوان حين تذكر المصادر والفهارس آثاره، ولعلّ أهم نتيجة تمخّض عنها هذا النتاج التحقيقي الوقوف وبالدليل القاطع ولاسيما في ما ذكر من حقائق تاريخية أوردناها في مقطوعته العينية أكّدت أنّ وفاة ابن المقفع كانت تتراوح بين عامي 153هـ/155هـ، وليس كما درج عند النقاد والباحثين والمؤرخين من أنّ وفاته تقع بين عامي 142هـ/145هـ على وجه التقريب.