يعتبر الكثير من العلماء والمنظرين في مجال التمويل الإسلامي Islamic Finance أن التمويل الأصغر من أفضل السبل لتحقيق الغايات الأساسية للتمويل الإسلامي المتمثلة في إعادة توزيع الثروة والفرص Wealth and Opportunity Redistribution، لا سيما أنه يلبي احتياجات الشرائح الفقيرة من السكان الذين هم خارج نطاق الحصول على الخدمات المالية الرسمية كما أنه يعمل على إدراجهم ضمن المستفيدين من هذا القطاع الهام والحيوي تحقيقا لما يعرف بمبدأ الشمولية المالية Financial Inclusiveness. في المقابل، يرى كثير من الممارسين Practitioner في مجال التمويل الأصغر أن التمويل الإسلامي حقق نجاحات متواضعة جدا في مجال التمويل الأصغر، خصوصا بالمقارنة مع نظيره التمويل الأصغر التقليدي Conventional Microfinance. ويلقون باللوم في هذا الجانب على الصيغ الإسلامية في التمويل الأصغر باعتبار أنها تمثل جوهر الاختلاف والخلاف بين التمويل الأصغر التقليدي والتمويل الأصغر الإسلامي. فهؤلاء يرون أن بعض هذه الصيغ تواجه العديد من المشكلات التي تحول دون إمكانية تطبيقها على أرضية الواقع، وبعضها الآخر ينطوي على تكاليف عالية تقلل من جدوى استخدامها في توصيل خدمات التمويل الأصغر للفئات المستهدفة. وعليه، فإن الهدف من هذه الورقة البحثية هو النظر في إمكانية الإجابة على التساؤلات التالية: - هل تصلح الصيغ الإسلامية لتوصيل خدمات التمويل الأصغر؟- ما هي مقومات نجاح صيغ التمويل الأصغر الإسلامية؟- ما هي الضمانات التي يلزم توفرها لتوصيل خدمات تمويل أصغر إسلامية بصورة مستدامة؟ ستتم الإجابة عن هذه التساؤلات المثارة من خلال استعراض إحدى تجارب بنك الأسرة (السودان) وتحليلها في مجال توصيل خدمات التمويل الأصغر لشريحة الفقراء وفئاتها المختلفة، خاصة شريحة الخريجين. وسيكون تنظيم هذا البحث على النحو التالي: يخصص القسم الأول منه للمقدمة التي يسلط فيها الضوء على أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين التمويل الأصغر الإسلامي والتمويل الأصغر التقليدي. أما القسم الثاني من البحث فسوف يخصص للتعرف على مقاصد الصيغ الإسلامية وخيارات استخدامها في التمويل الأصغر والانتقادات الواردة عليها، في حين يتم في القسم الثالث من البحث عرض وتحليل تجربة بنك الأسرة، بينما سيفرد القسم الرابع للخلاصة ومناقشة نتائج البحث.