يدور موضوع البحث حول ما يسمى بـ (الحماية الخاصة) للمصنفات الرقمية، فلقد أثيرت نقاشات حادة بين الفقهاء دارت حول ما إذا كانت قوانين حقوق المؤلف والحماية التقليدية التي تتضمنها تصلح للتطبيق على شبكة الانترنت وعلى المصنفات الرقمية، أم أنها تقتصر فقط على المصنفات التقليدية؟، لكن وبعد أن نصّت معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف لسنة 1996 في المادة الخامسة منها على أنه: (( تتمتع مجموعات البيانات أو المواد الأخرى بالحماية بصفتها هذه أياً كان شكلها، إذا كانت تعتبر ابتكارات فكرية بسبب اختيار محتوياتها أو ترتيبها))، فقد أصبحت قوانين حماية حقوق المؤلف تصلح للتطبيق على المصنفات الرقمية المنشورة على شبكة الانترنت أيضاً، ولكن دون أن توفر حماية فعّالة. ومن هنا تظهر الصعوبة في مدى اعتبار مصنفات المؤلفين والحقوق المجاورة بمنأى عن الإعتداءات التي تتعرض لها على شبكة الانترنت خاصة في ظل تزايد عدد المستخدمين لها، ولهذا صدر التوجيه الأوربي الخاص بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في مجتمع المعلوماتية ونظّم موضوع تدابير الحماية التكنولوجية لحقوق المؤلف، بما يمكِّن من معرفة المؤلفين كيفية استغلال مصنفاتهم على شبكة الانترنت وبعد الحصول على ترخيص منهم. والسؤال الذي يثار هنا ما هو مفهوم تلك التدابير وكيف تحمى، أو بعبارة أخرى ماهي الجزاءات المنصوص عليها في حالة الاعتداء على تلك التدابير، وكيف تخدم أصحاب حقوق المؤلف في حماية مصنفاتهم حمايةً فعالة، وأثر تلك التدابير على القيود أو الاستثناءات على حقوق المؤلفين الواردة في التشريعات الداخلية؟. ثم أن وجود تلك التدابير يخلق نوعاً من التعارض والتزاحم بين حق الجمهور في الوصول للمعلومات والاستفادة من القيد الخاص باستنساخ المصنفات للاستعمال الشخصي وبين حقوق المؤلف، فينبغي حينها التوفيق بين هذين النوعين من الحقوق، وأخيراً لنا أن نتساءل عن موقف قانون حماية حق المؤلف العراقي من تلك التدابير التكنولوجية. إذن تساؤلات عديدة نحاول الإجابة عنها في هذا البحث.